الدولة المدنية و الدولة الدينية!
ماذا تعني دولة مدنية ؟ و ماذا تعني دولة
دينية ؟
سؤال من شقين يحمل المقارنة اكثر من علامة
الأستفهام .
فالدولة المدنية تُعنى بالحريات و لكنها قبل
ذلك هي دولة تقوم على المؤسسات (إذا فهي دولة مؤسسات تحترم الحريات ) بدون ضرر و
إضرار بالمصالح العامة و الشخصية و يطبق فيها القانون على الحاكم كما يطبق على
المحكوم – هذا مفهوم مختصر و بسيط لمعنى دولة مدنية .
أما الدولة الدينية فلا نستطيع أن نعرفها
ببساطه دون أن نتعرض إلى مفهومها التاريخي .
أولاً من منظور الدولة الدينية المسيحيه –
ثانياً من منظور الدولة الدينية الإسلامية.
الدولة الدينية المسيحية هي دولة تفويض إلاهي
للحاكم ....و المؤسسة الدينية دولة ارهقت رعاياها بالظلم و الأستبداد و صكوك
الغفران و تجريم العلم و العلماء و انتهاك خصوصية الفرد و التنكيل بكل من يخالف
الكنيسة ....هكذا سجل التاريخ ،و هكذا من رحم الظلم و الأستبداد و العبودية خرجت
أفكار المدنية و اليبرالية و العلمانية و كل المعاني و الأفكار الرافضة لسلطة و
هيمنة المؤسسة الدينية الحاكمة التي تكبرت و ظلمت حتى استعبدت العقول و الأجساد و
أرواح البشر.. لذلك لا نستطيع أن ننكر على الغرب ثورتهم ضد الدين و المؤسسة
الدينية و الخروج بالفكر و التشريع الأنساني لحيز التنفيذ تمرداً و هروباً من ظلم
المؤسسة الدينية و استبدادها ( الدولة الدينية صاحبة التفويض الإلهي ) .
اما الدولة
الدينية الإسلامية و التي جاءت على النقيض تماماً فالدين الإسلامي جاء بتشريع إلهي
يحترم خصوصية الفرد في المجتمع كما يحترم العلم و العلماء و شتى العلوم الحياتيه
و جعل طلب العلم نوعاً من انواع
الجهاد .
جاء الدين الإسلامي لينظم بناء دولة تقوم على
المؤسسات و العدل و المساواة يرفض الوساطة بين الإنسان و ربه فهذه العلاقة متفردة
بخصوصيتها و منظمة بشرع منزه عن النقيصة ، وعلى مر تاريخ الدولة الإسلامية التي
طبقت الشريعة بدون انحراف لا نجد مكان للبابوية أو الإرشاد أو تآليه رجال الدين و رجال الحكم... بل على العكس تماماً
فالحاكم من خلال التشريع الألهي في الإسلام عليه أكثر مما له و رحم الله الفاروق
عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) عندما شهد له اعدائه قبل أصدقائه بالعدل و المساواه
و كل ذلك من خلال منظومة تطبيق الشريعة الإسلامية. فعظمة الدين الإسلامي في مرونة التطبيق حتى اصبحت
أحكامه و شرائعه تتميز بصلاحية لا تنتهي بتاريخ
محدد او تجعلنا في حاجة للخروج عليها ،وعندما نقارن هنا بين الدولة المدنية
الحديثة التي يطالب بها كثيرين على اعتبار احترمها للحريات و إقامة دولة تعتمد على
المؤسسات سنجدها لم تبعد عن مضمون الدولة الدينية الإسلامية فالخوف من إقامة دولة
أو دستور قائمين على الشريعة الإسلامية هو خوف غير مبرر و إنما هو أقرب إلى مقولة ( ودنك منين يا جحا ) فدعونا من تناحر و
صراع يبحر بسفينة الوطن إلى المجهول بعيداً عن بر الأمان فمصر هي _رمانة الميزان _للعالم
وليس لمنطقة الشرق الأوسط فقط .
abeer